Wednesday, 9 September 2015

الجزء الأخر من القصة


بعد أكثر من أربع سنوات مرت بدموية على الشعب السوري المناضل , اجتاحت المواقع الاجتماعية في الفترة الماضية موجة تفخيم و تعظيم للمجتمع الأوروبي وعلى الأخص ألمانيا التى ارتدت ثوب الإنسانية  , حيث شملت الموجة بعض من شخصيات حكومية بالإضافة  للشعوب ,لحد وصل بالبعض من الأفراد المبهورين  للتأويل على لسان بعض من هذه الشخصيات كلام رقيق معسول ينقط تعاطفا مع "المهاجرين" الذين أكل البحر الحصة الأكبر منهم ...  

الصورة النمطية للرجل الأوروبي , كشعب إنساني لطيف, يحب الجميع و يساعد و يستقبل  من وصل عبر الشيك برا و ينقذ من لاذ بالفرار من الحرب ثم بلعه البحر ...
في المقابل , صور مخيمات اللجوء و معاناة اللاجئين في بلدان عربية -محدودة الموارد - و ما يتعرضون له من تحجيم من قبل حكوماتها و استنزاف و سوء معاملة فيها .

أوروبا بمواردها و قدراتها و بنيتها التحتية ,استقبلت حكوماتها بضع الاف فقط من اللاجئين تحت ضغوط من شعوبها بعد هذه الموجة الاعلامية , هي بالتأكيد ليست الأكثر إنسانية ! فأوروبا التي نشرت شعوبها عشرات من الصور "لمراسم" استقبالهم لمن لم يبتلعه البحر بوحشية من لاجئين , هي نفسها أوروبا التي فرضت تأشيرات مستحيلة و ضيقت عملية دخولها بطرق قانونية مما اضطرهم لركوب عباب الماء و اختيار الموت غرقا أو الوقوع تحت رحمة المهربين ... لتستقبل بعد ذلك  القلة القليلة ممن نجا ! و فوق هذا ربحت بعد ذلك بطاقة الاحترام و الإنسانية من المجتمع الدولي ...

لماذا لم تحظ "خبريات"  مثل "أردنيون يفتحون بيوتهم لاستقبال إخوانهم السوريين"  أو صور للجيش الأردني خلال توزيعهم لقناني المياه على الحدود اثناء استقبال اخواننا السوريين , و , و , و , و غيرها الكثير خلال الأربع سنوات الماضية بنفس الصخب الإعلامي ؟ ؟
ألأننا كشعوب عربية مصابها واحد , نتفق على أن ذلك واجب ينبع من أخلاقنا و إنسانيتنا  ؟

فلو كان الأمر إنسانيا بحتا كما الادعاء ... فالأولى مدح و لفت النظر لدول مثل لبنان , تركيا و الأردن . بحصيلة 6.5 *مليون لاجئ مسجل موزعة ... استضافتها هذه الدول حتى نهاية عام 2014 . بنسبة 51% من النساء , و نسبة 55% ممن هم تحت سن ال18 . و ما تتعرض له شعوب هذه الدول من ضغوط معيشية بعد تقنين و قطع بعض من المساعدات و المنح  من نفس الجهات الأوروبية "ألإنسانية"  عن اللاجئين  في هذه الدول , من مساعدات غذائية أو حتى علاج , مما وضع إخواننا السوريين تحت خيارين : الموت أو الموت ! الموت ببطء تحت ظروف معيشية قاهرة لا تكاد تحتمل أو الموت الفاجع أثناء هروبهم إلى أرض الأحلام أوروبا !

و كما جرى العرف ... تقف دول الخليج "كغايب فيلة" بحدود مغلقة وتأشيرات مرفوضة تتفرج على قسوة المشهد عن بعد .

معايير مزدوجة يشجعها كالعادة إعلام مشكوك في مصداقيته.
فالصورة المنقولة ليست كاملة تماما - كالعادة - ... استقبلتم بعض اللاجئين ,على عينا و راسنا  و كثر الله خيركم و ما قصرتوا .
 ما ننتظره بعد ذلك نقل الصورة الحقيقية لواقع هؤلاء , كيف ستكون الجهود لدمجهم في المجتمعات المضيفة؟ ألن يتعرضو لهجمات متطرفة أو عنصرية ؟
يمكن لو حركوا حالهم شوي , كان استفادو من هالضغط على حكوماتهم و وقفوا الحرب من أساسه ... و وقتها ما رح يتضر حدا منهم ينزل صندوق قناني مي  على محطة القطار , ولا رح يتخلى "جون" الصغير عن كم لعبة عشان يعطيها للولاد الصغار اللي جايين من ورا البحر , اللي على الأغلب يا أبوهم أو أمهم أو يمكن الأثنين غرقوا قبل ما يوصلو شواطئ أرض الأحلام .

أرجوكم عدم المبالغة و العد للعشرة قبل مشاركة أو نشر أي منشور .

و على كل حال , بالأخير ما بيقول الواحد إلا حسبي الله على اللي كان السبب !

مخيم الزعتري - الأردن