Saturday, 11 October 2014

في بلاد العجائب ...





لطالما استهوتني قصة " أليس في بلاد العجائب" , منذ أن أهدتني إياها أمي ضمن مجموعة قصصية لتحثني على القراءة , بعمر 7 أو 8 سنوات . وقتها تحديدا قررت اتخاذ بلاد العجائب كموطني الخاص و عالمي الذي أغوص فيه بعيدا عن الواقع كلما سنحت لي الفرصة . قضيت الكثير من أيام طفولتي و أنا أتخيل و أرسم  و ألون هذا العالم على ورق , كبر هذا العالم معي كلما كبرت و أصبح مهربي من الواقع كلما اشتد و تلاشت ألوانه .


بلاد العجائب ليست مستحيلة الوجود كما يعتقد البعض , فهذه نظرة سطحية !
ليست "زهرية" او خاصة بالفتيات … لا !
 تحتاج منك أن تنظر أقرب لترَ كم هي مليئة بالمفاجئات , بلاد العجائب بلاد صدوقة جدا و أهلها ودودون , يرحبون بكل من يؤمن بوجودهم بحفاوة … هناك تدفن الخلافات و يحتفل بالاختلافات , و يحق لجميع المواطنين امتلاك عوالمهم الخاصة دون أن يتعرضوا لأي أحكام مسبقة … الجميع مختلفون لكنهم متشابهون !


لا يوجد أنماط معينة متبعة , فالألوان في كل مكان … الكتب تستقبل بأحضان مرحبة بجميع طالبيها, الأفكار تتمشى حرة في الطرقات و ترتدي جميع الألوان , هناك حرب أبدية بين الأبيض و الأسود … البعض يقول أن الأبيض هو الذي ابتدأ , فهو  لم يتقبل  اختلاف الاسود و جموحه و حاول جاهدا ترويضه و صبغه و منذ ذلك الوقت و هما متخاصمان و متباعدان , ففي بلاد العجائب لا وجود للرمادي ! … لا شيء يوصف بالكمال  فجميع اللوحات تتمتع بشوائب ! تماما كلوحات الفنانين و الفنانات من البشر …
في بلاد العجائب , الحب مختلف ! قد تكوت تتمشى مستمتعا بالشمس بأحد الأيام لتصادف مشاعر , و دون أي مقدمات تغمرك هذه المشاعر و تعرقلك  و تمضي في طريقها دون أن تعتذر عما بدر منها أو حتى دون أن تمد يدها لتساعدك على النهوض مجددا لتجد نفسك مغطى تماما بغبارها ... مصابا بدوار خفيف و  رؤية زائغة و تشعر بحركات غريبة و مضحكة في معدتك و بدل أن تكون حانقا من هذا التصرف غير اللائق من هذه المشاعر الفظة تجد نفسك تتبسم متوردا طوال الوقت …


في بلاد العجائب لا تستغرب إذا صادفت أغرب الصداقات و أقلها توقعا ! فأعز صديقتين …  ملعقة و ساعة حائط ! قررتا أن تنظرا ما وراء اختلافتهما ليخلقا من هذه الاختلافات  أمتن و أجمل صداقة… هناك إشاعة تقول أنهما تتجادلان طوال الوقت و على اتفه الأسباب … حتى في وقت" الشاي المريح المقدس" على درجة لون تقديم الشاي المضبوطة , فملعقة تحبه بلون غروب الصحراء مائل الى الاحمرار  مع 3 قطع من السكر , بينما ساعة الحائط تحبه بني راكد كألوان الباستيل مع ¾ قطعة السكر … مع ذلك ما زالتا تتناولان الشاي معا منذ31 عاما او ما يزيد  او حتى 73  عاما ! ما الفرق ؟ فمن يعد سنوات الصداقة الجميلة ؟


بعد كل هذه السنوات ما زالت بلاد العجائب تناديني من وقت لآخر و تغريني لأغوص فيها و أنا أدرك كل مرة كم أن بلاد العجائب جميلة و واقعية أكثر مما نعتقد ,رغم جنون جميع قاطنيها !

أما زالت مجرد وهم غير واقعي ؟؟


عائلة السيد و السيدة قنديل من بلاد العجائب و أطفالهما  ;)



No comments:

Post a Comment